تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
مواضيع ثابتة
اسماء الرياح وأنواعها
_______________________________________
اسماء أيام الأسبوع في الجاهلية
_______________________________________
سبب تسمية الاشهر الهجرية
-----------------------------------
شبكة العراب الاخبارية al3rab newsدخول
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
همس و شتاء - القصة الحائزة على جائزة مهرجان الخابور ج1
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
همس و شتاء - القصة الحائزة على جائزة مهرجان الخابور ج1
همسٌ و شتاء ج1
القصة الحائزة على جائزة مهرجان الخابور
تلبدت الغيوم، و تفاقمت هموماً أثقلت صباحي البارد. كنت إذ ذاك موظفاً صغيراً بإحدى المديريات. متزوج، و لي بنت لا يتعدى عمرها الأشهر القليلة. و كانت هذه الطفلة هي أولى الهموم التي أصحو و أنام أعدها و أحصيها. الوالدة جف حليبها بسبب القوت القليل، و الطفلة تصيح.
ليلاً؛ أهرب إلى الشارع القارس برداً، أركل أحجاراً على أن أبقى و أسمع تنهدات الأم الثكلى بابنتها على حياتها، و نواح الصغيرة طلباً للحليب.
في الغد سوف أستلم المعاش، و سأشتري علبة حليب كبيرة لذيذة تكفيها شهراً كاملاً، فقط انتظري علي. كنت أسلي ألم الأم في كل يوم بهذا الحديث، عندما تنام طفلتنا أو نظنها كذلك بعد ساعات طوال من البكاء. كثيراً ما كنت أصحو في هزيع الليل على نحيب الأم الجاف كأنه أنين جريح يفارق الحياة. و كثيراً ما كنت أنازع الدموع على وسادتي الخشنة علها تزيح عني بعض الأسى المر. و يأتي معاش و يذهب، و لا أجد مال الحليب إلا أصبح في جيب بائع الحي، و ثمن القوت المر في جيب أصحابي الذين داوموا على إقراضي مبالغ من المال في كل شهر
و كذلك الحال عشت إلى ما يقارب الشهرين. أكدس الديون عند البقال و الأصحاب. و طفلتي التي بانت عظامها منذ أمد بعيد ما كانت تجد إلا قليل اليانسون المستدان، دون نسيان ما يتحسن به جيراننا من قطرات الحليب. ما عادت الأم تأكل طعامها، و أنا كنت في العالم الأخر أعيش الموت المرارة في كل لحظة. أنظر إلى الطفلة فتدمع عيناي، و أنظر إلى الأم فأنتحب باكياً. و الأمل صار بالنسبة لي مثل خيط شمس أنتظره في الربيع القادم؛ و ما كنت قط أظن الشتاء الجاف القاسي سيزول.
تكاثفت الغيوم في السماء، و راحت تتصارع رمادية تحملها رياح اخترقت سترتي الجلدية التي أهدانيها صاحبٌ في زواجي. و لن يقف قميصي أمام هذه النسمة؛ لأن كل ما بقي منه كي يسمى بفضله قميص هو الذكرى؛ لذا لم أجرؤ قط على خلع سترتي الجلدية أشتاءٌ كانت الدنيا، أم صيفاً.و بوجود بنطال صيفي واحد في جملة أملاكي، لن يكون صعباً على النسمة المثقلة بالبرد الندي أن تنحشر في عظامي كالإبر الخشبية.
ركلت حجراً كعادتي و أنا خارج من البيت، ذاك الذي أعيش فيه مستأجراً. ثم رحت أسير إلى الحافلة.ماذا أفعل لطفلتي التي أصبحت في حجم الدمية التي أردت شراءها لها قبل أن تولد. و ماذا يكفر لي عند تلك الأم التي تراقب ذبول فلذة كبدها دون أن تستطيع لها شيئاً. أصحابي بالأمس كانوا يضحكون من حالي، و لهم عندي ديون خاطت شفتي عن الرد فيما كانوا يسخرون.
وجه البقال أراه في كل حجرٍ على الطريق، يطالب بديونه باسماً شامتاً من علمي و من حالي. فأركله بكل قوتي لأراه مبتسماً في حجرٍ أخر على الطريق. ثم راحت السماء تذرف دموعها علي علّي أشاركها البكاء، لكني لم أفعل. صعدت الحافلة أكلم نفسي. و أرمي كلماتٍ في أذن كل من يجلس بقربي: ديون، نحيب، برد...و أهات تخر لها جبال، و لا تحرك في الناس شيء.
كانت الأفكار تغير على مخيلتي و تحوم كالغربان. ظننتني سأهجر هذا البلد لأعمل نادلاً، أو سائقاً، أو حمالاً، أكسب لقمة يومي و أنسى هذه الحياة بكليتها؛ و فكرت أن أبقى و أنزوي في حجرةٍ صغيرة لا ألوي على شيء حتى ألاقي الموت أو يلاقيني.
لكن، و في غفلة من أفكاري مال الرجل الذي يجلس بقربي علي برأسه، ثم قرب فمه من أذني و همس فيها شيئاً، شيئاً لم أفهمه و لا أذكره. بدأ يسري في جسدي مفعوله كما يسري مفعول الدواء في جسد العليل. بدأت الأفكار تخلي ساحة المعركة، و تودع مخيلتي. و بدأ الدفء يسري في أوصالي. لم أعد أفكر في شيء و صرت في ما يشبه النشوة.
عندما نزلت من الحافلة، نظرت إلى السماء؛ فرأيت الغيوم تهرب مسرعة تلف أذيالها، و الشمس تمد عصاها من بين ثغراتها تتلمس الأرض كالكفيف
رحت أسير مسرعاً لا أركل حجراً و لا أشعر هما يتبعني. و غابت في نشوتي تلك تجاعيد جبهتي التي انعقدت منذ زمن طويل لا أدر حسابه. ألقيت السلام على حارس المديرية لأول مرة منذ توظفي فيها. ثم دخلت أتملق كل من ترصده عيناي، من موظف، و عامل، و مراجع، كما لم أفعل من قبل. فجأة لم أعد أحس بالشتاء، و لم تعد كلمة حليب تثير في حلقي مرارةً، و في عيني دموعاً. صارت صورة الأم شيئاً لا يبعث على الأسى و الدموع.و صار وجه البقال كأي شيء في الدنيا، لا يثير فيّ أي شعورٍ أو أحاسيس. رحت أعيش بعد ذاك اليوم ساهماً، لست فرحاً، و لم أكُ حزيناً، كنت لا ألوي على شيء.
بعد شهر على انقلاب حالي ماتت طفلتي. و لم أظن يوماً أنني سأكون بارداً تجاه موتها كما فعلت.للحقيقة لم يثر موتها أي شعور بالأسى لدي، و كلمات ذاك الرجل تزيدني كلما مرت بأذني شيئاً من الجليد. الأم في وجوم لأيام و أسابيع، و أنا لا أعيش معها إلا بجسدي؛ و روحي تهيم في بحر الشرود.
يتبع الجزء الثاني
بقلم محمد فارس
الصوت
الصوت- عدد الرسائل : 26
العمر : 35
العراب ابن العرندس :
عدد رسائل sms : 0
نقاط : 49
تاريخ التسجيل : 20/02/2010
رد: همس و شتاء - القصة الحائزة على جائزة مهرجان الخابور ج1
يالله منّك ليه هيك كنت نزلها كلها دغري
كتير حلوة
شكرا صديقي
كتير حلوة
شكرا صديقي
غدير- عضو مميز
- عدد الرسائل : 190
العراب ابن العرندس :
عدد رسائل sms : 4
نقاط : 226
تاريخ التسجيل : 10/02/2010
رد: همس و شتاء - القصة الحائزة على جائزة مهرجان الخابور ج1
الجزء الثاني باقرب فرصة انشالله
الصوت- عدد الرسائل : 26
العمر : 35
العراب ابن العرندس :
عدد رسائل sms : 0
نقاط : 49
تاريخ التسجيل : 20/02/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى